تصنعنا الابتسامة لاجلهم .. مع أن قلوبنا تتقطع في دواخلنا ..
ولكن ماذا نفعل مادام هذا حال دنيانا .. التي كما عرّفتنا بهم ..
هاهي تبعدهم عن دروبنا .. وتأخذهم بعيدا .. إلى الوجهة التي أرادوها منذ زمن بعيد ..
وهم ماضون في السعي لتحقيقها الآن ..
كانوا ينتظرون هذه اللحظات ..
التي سيودّعون فيها عالمهم الصغير إلى عالم أكبر ..
ويودّعون جميع ماكان يحمله هذا العالم .. ومنهم نحن ..
ويبدؤون في التعود على ذاك العالم الآخر الذي ذهبوا له بأنفسهم .. طائعين مختارين ..
وعـــــــــلـــــــــى الجـــــــــانب الآخـــــــــــــر ..
كنا نحن نبني لنا ولهم أحلاما وآمالا كنا أيضا نسعى لتحقيقها ..
لكن بقربهم .. بقرب لمساتهم التي تضفي على عالمنا سحرا خاص ..
بقرب قلوبهم .. بقرب همساتهم التي مازالت ترن في دواخلنا بدونهم ..
سعادتنا بقربهم منا أعمتنا عن الحقيقة المرة ..
التي صدمتنا لدرجة اننا هدمنا أحلامنا بأيدينا نحن ..
بدونهم .. تحطمت مشاعرنا وقلوبنا لم تعد قادرة على حمل هذا الهم الذي اتى فجأة ..
وبدون أي مقدمات ..
منذ أن أتينا للدنيا ونحن بقرب من أحببنا .. لم نتعود يوما التفكير في لحظة فراق .. مجرد لحظة .. تفكيرنا فيها كالكابوس .. الذي نفيق
منه بسرعة .. لكي لانشوّه عالمنا معهم ..
منه بسرعة .. لكي لانشوّه عالمنا معهم ..
اما الآن .. لم تعد لحظة .. وإنما دهور وأعوام .. فراق بكل معنى الكلمة ..
كيف بتفكيرنا تحمل هذه الكلمة التي بالأمس كانت كالكابوس .. ولكن الآن أصبحت واقع ..
نعم واقع .. ليس علينا تجاهه سوى الصبر .. واقع فرضته علينا الدنيا..
بالأمــــــــــــــــــــــــس
كنا نحمل في قلوبنا كل الحب والامل ..
واليوم نحن نحمل الجرح .. الذي بات مصدر آلامنا ودموعنا..
بالأمــــــــــــــــــــــــس
كنا معهم وبقربهم ..
واليوم نلتفت ونسأل ولانسمع سوى صدى أصواتنا ..
بالأمــــــــــــــــــــــــس
كنا ننظر للقطار وإلى المسافرين ونضحك .. نعم نضحك بملء أفواهنا ..
واليوم نحن ننظر للقطار ونبكي .. ونجلس على مقاعد الانتظار علّ ذاك القطار يأتي ..
ويحمل بداخله أحبابنا .. وفي جعبتهم ذكرياتنا .. وبقايا أحلامنا لكي نبنيها من جديد ..
ولكن للأسف .. ننتظر وننتظر .. ويذهب الناس .. وتصبح المقاعد خالية .. إلا منا .. ومن بعض أوراق الشجر المتناثرة هنا وهناك ..
بالأمــــــــــــــــــــــــس
كنا على تلك المقاعد نروي حكايانا ونتخيل الحياة المقبلة مع بعضنا ..
واليوم نحن وحدنا .. لا حكايا .. ولاحتى تخيلات يمكن أن تحملنا على الابتسامة ..
بالأمــــــــــــــــــــــــس
كنا معا .. واليوم أصبحنا وحيدين .. ننظر بقربنا لانرى سوى أشلاء قلوبنا ..
بقايا أحلامنا وآمالنا .. يكفي ماجرى .. اتركونا نعيش مع تلك البقايا ..
ومع خيال هؤلاء الأحبة .. ومع ظلالهم وعطرهم وابتساماتهم .. دعونا لوحدنا ..
لانريد حياتكم المشرقة .. دعونا في ظلامنا الذي بات أنيسنا في وحدتنا ..
حتماً ستمرون يوما ما على أشلاء وبقايا من ذكريات متناثرة على قارعة الطريق ..
اجمعوها واحرصوا عليها .. لأنها هي ماتبقى لنا في هذه الحياة التي جعلتنا هكذا ..
قطع ممزقة .. وأشلاء متفرقه ..
وأخــــــــــــــــــــــــيــــــــــــــــــــــ ـــــــرا ..
وداعــــــــا أيتـــــــها الدنيــــــــا وداعـــــــــــا ..
روووووووووووووووووووووعه
ردحذف